












أصدرت القاضية رندى كفوري في ٢٠ آذار ٢٠٢٥ وقبل إحالتها إلى التقاعد حُكمًا قضائيًا يقضي بنقل الدعوى أساسًا وشكلًا من قاضي التحقيق الأول ببيروت بلال حلاوي لقاضٍ آخر يُكلّف عبر المرجع القضائي المختص.


مرّت سنة على المقتَلة الكبرى والنزوح الكبير، على نهارٍ أُهرقت فيه دماء الناس، يوم انفجرت البيوت فوق رؤسهم وضاقت بهم الطرقات، وافترشوا الشوارع والكورنيش وهاموا بحثًا عن مكانٍ يؤويهم. مرّت سنة، والحال على حاله... بل أسوأ. الناس تعيش انسداد الأفق، واحتمال عودة النزوح قائم في كل لحظة. لا أفق للعودة، ولا للإعمار، كأنّ هناك تسليمًا بدوام هذا الحال.
وكأنّ من تصدّى للحرب بشعارها، وافتتحها وأطلق طلقتها الأولى، قد ركَن إلى وظيفته الأساسية: تغطية الشعار بالشعار، وخلط الواقع بالأحلام والأوهام، لتصبح معها إضاءة صخرة هنا، أو طِلاء حجر هناك، أو رفع علمٍ أو نصب صورة أو تمثال، هو النصر المُبين وكل ما يتمنّاه الناس.
لا يزال الجنوب والبقاع تحت النار، والغارات الإسرائيلية شبه اليومية والتي تتّسع رقعتها ويزيد حجم الدمار الذي تلحقه بالبُنى التحتية والمؤسسات التجارية، لترسل رسائل، لمن يعنيه الأمر، بأن الإعمار ممنوع عليكم. فيما يَستحضر ذاك الذي أوقع الناس في تلك الأزمة وأورَثهم النكبة، الصورة والرمز، ويستدرّ العاطفة والتوتّر والتشنّج بالذكريات والخطابات الرنّانة، والعرّاضات بالدرّاجات وبالهشتاغات.
على الصفحات الأولى من هذه الصحيفة كتبنا قبل عام، مع اتساع رقعة الحرب: «إنها النكبة... ما العمل؟». أما اليوم، فالنكبة لا تزال قائمة. القرى الحدودية رُكام، لا تعويضات للذين تهدّمت بيوتهم وتعطّلت مصالحهم، والناس تعيش تحت تهديدٍ دائم وقلق يومي. في المقابل، هناك إمعان في الإنكار واستحضار شعاراتٍ عفّا عليها الزمن والتجربة، وأثبتت خواءها وانعدام فعاليتها.
اليوم، نعم لا تزال النكبة قائمة... ولا مبادرات وبلا أُفق. ونذكِّر بما كتبنا حينها: إن المقتَلة وقعت، وإن المكابرة لا تنفع، ولا الإنكار.
وبعد سنة على تلك المقتَلة، لا شيء تغيّر: لا عمل، بل مزيد من العنجهية والتهديد والوعيد، للداخل والخارج، من دون أفعال والناس متروكة لمصيرها، لا تفكير في كرامات الناس، ولا في حمايتها ولا أخراجها من الإهانة اليومية والذلّ الذي تكابده كل يوم في معيشتها ولا مَن يعوِّض عليها ما خسرته وستخسره إذا بقيت حالة الإنكار هذه، بل «تُحَقن» يوميًّا بخطاباتٌ غوغائية لا تُغني ولا تُسمن من جوع...
كأنّ مصير الناس اختُزل في سخافة عبارةٍ تُقال بلا معنى، ببرودٍ وعدم اكتراث: «سيكي لح لح».